قضايانا والشخصنة
بقلم: موحمد ؤمادي
--------------------------------------------------------------------------------
{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الشورى:40-42].
راجعت كل المعاجم ولم أجد تفسير لمعنى كلمة: شخصنة. حتى وأنا أطبع هذه الكلمات لم يتوقف حاسوبي عن تنبيهي إلى أن هذه الكلمة خطأ- من الناحية اللغوية طبعا- فناهيك عن كونها مصدر معاناتنا من الناحية الواقعية، والمعاشية وإليكم مقصدي:
تتبعت في الآونة الأخيرة عن كثب ما حصل ولازال يحصل في مدينة يفرن فتبين لي أن مواقفنا في الغالب الأعم تبنى على - ردود الأفعال والتي بدورها وفي معظمها مبنية على عواطف جياشة تجاه موقف بعينه كحالة يفرن وكمواقف ومسرحيات متكررة كما يحصل لأهالي غزة نصرهم الله.
وتبين لي كذلك أن الأطراف المتصارعة تتلاعب بمصالح البلاد والعباد وفق أيديولوجيات محسوبة بدقة. وأن مسالة حقوق الإنسان أصبحت موضة يتلوكها القاصي والداني. وتبين لي كذلك أن هناك تداخل وتشابك حقيقيين في طرح المسالة الأمازيغية حتى من قبل متبنيها. كما هناك مكابرة حقيقة من أطراف ليبية عديدة تجاه المسألة الأمازيغية لعوامل أيديولوجية وأخرى قبلية متصلبة ومقيتة.
هنا أريد أن أطرح ما أعتقد أنه صواب ولا أدعي بأنه قول مقدس منزل من عند الله، ولا أطالب بأن ينحت على حجر، بل هو رأي ككل الآراء يمكن تناوله ضحداً أو تأكيدا بالحجة والبيان لا بتهم العمالة والتآمر أو بالتهديد والترهيب ولا بالمزايدات وادعاء ملكية الحق المطلق.
الشخصنة
وأقصد بها ببساطة: تحجيم شأن هام عام وربطة قصداً وقسراً بشخص محدد أو مجموعة أشخاص بعينهم.
نحن الليبيون نميل للشخصنة كثيرا، ولعل هذا ناتج عن تراكم تاريخي لسنا بصدد تناوله الآن، ولكنني لاحظت أن ما حصل في يفرن وفي ظرف وجيز تم تحويره وشخصنته بسرعة لم أعهد لها مثيل في تناولنا لقضايا ليبية اخرى، وبقدرة قادر تم نسيان أو تجاوز الموضوع الرئيسي، وأصبح الجميع يتكلم فقط عن البيوت "المخربشة" أو الأرامل التي تم ترويعها،... بل وكتبت الأشعار وسطرت التنديدات وبيانات الشجب من قبل منظمات حقوقية وسياسية، في جلها مواقف مبنية في غالبها على عواطف ومشاعر أقدرها ولا أشك في صدقها. ولكن وفي المقابل تم التغاضي كليةً تقريبا عن التناول الصريح الفصيح للموضوع الأساسي الا وهو: أوضاع الأمازيغية في ليبيا – والتي على ما يبدوا باتت تقوض مضجع النظام القائم في ليبيا.
النظام الليبي - وإن كانت حركاته محسوبة - فهو أراد بهذا الصنيع على ما يبدو أن يبين للعالم أن ما يسمي بالمطالب الأمازيغية، والقضية الأمازيغية برمتها حكر على أفراد بعينهم. وأنهم مصدر القلاقل والبلابل "حسب تعبيره"، فاستخدم السلاح الوحيد الذي يجيد استخدامه وهو سلاح التهديد والترويع، ولم يواجه الحجة بالحجة لأنه يعرف كما يعرف الكثير من المكابرين الليبيين أن الحق حق وإن طال الزمن بالظلم والحيف فهو عائد لأهله لا محالة.
الحق المسلوب
إن ما حصل في يفرن هو غيض من فيض مما نعانيه بصورة يومية من مذلة ومهانة وتحقير – وحتى لا يُصطاد في الماء العكر، فإن المذلة والإهانة بالنسبة لي هي أن تعتبر لغتي لغة دونية، وثقافتي ثقافة منحطة، وأن يطمس تاريخي، وأن يتم حجر أسم ابني ويبدع مذهبي ويتم تخوين المناضلين من أجدادي ومن رفاقي كذلك. فلهذا ولأجل هذا أنا أناضل. وسوف أناضل حتى أسترد حقي وأرد اعتباري كاملا غير منقوص، وحقي هذا شأن غير قابل للتفاوض أو التنازل أو التجزئة أو المساومة. فأنا لست عربي، بل أمازيغي وأقولها بأعلى صوت: أمازيغي هكذا خلقني الله سبحانه. وهكذا وولدت وهكذا أموت، وإذا أراد النظام أن يحاسبني أو أن تحاسبني المعارضة بكل أطيافها فلتحاسبني على هذا الأساس، فأما الكونغرس والأمم المتحدة فهي وسائل يمكن الاستغناء عنها في أي لحظة يسترجع فيها حقي. فكما أن الطرف الآخر ولا أقصد النظام القائم فحسب، يبيح لنفسه حق استخدام كل الوسائل المتاحة لقمعي فأنا لن أتوانى عن استخدام كل ما في يدي من وسائل لاسترجاع حقي والدفاع عن نفسي.
يتم بين الفينة والأخرى إخراجنا عن الجادة وإدخالنا في دوامات نحن في غنى عنها. فالتهم بالعمالة توزع وبشكل مبتذل من قبل الذين نحسبهم إخوان لنا، كما توزع من قبل النظام على شكل سواء. وكذلك السموم المغلفة بقوالب النصح تأتي لنا بكل الطرق والوسائل. والتقاعس الذي لا أجد له مبرر في نصرة حقنا حدث ولا حرج. بل وفي أكثر المواقف حنكة تدس السموم في طيات المقالات والتنديدات الموجهة للنظام.
لنكن صرحاء ولنقلها بأعلى صوتنا: لا للظلم لا للتحقير لا للحيف.
ليبيا بلد يسع الجميع ونحن مكون أساس من مكونات هذا المجتمع ولنا الحق في الوجود، فإن تهدد هذا الحق أو حق أي مواطن ليبي آخر فلنهب جميعا لنصرته. ولنقلها جميعا بأعلى أصواتنا لا للعنصرية باسم الإسلام أو باسم القومية العربية، أو بأي شعار كان. لا للعنصرية.
الأمازيغ مزيج. مطلبهم واحد.
إن الحركة الأمازيغية تضم في ثناياها مزيج من الأطياف، والعديد من الأفكار وكل محاسب على ما يعتنق ومسئول عن ما يكتب. وحتى لا يـُصطاد في الماء العكر مرة أخرى، أقول: إن ما يجب النظر فيه بجد، وتقيمه والتعامل معه هو أدبيات الحركة الأمازيغية، كبيان أگادير 2006 مثلاً، فهو المعبر الحقيقي عن استحقاقاتنا، وهو الخطاب الذي تجتمع حوله الأطياف الأمازيغية بمختلف تلوناتها.
إن موال التربص بأشخاص المناضلين من أجل الاستحقاقات الامازيغية، هي جوقة مكررة مملة تعدونا سماعها ليس في أحداث يفرن فحسب، بل وفي الكثير من المناسبات فردية وجماعية متعددة، لقد سئمناها كما سئمنا الرد وتكرار ما هو معلن ومنشور ومفسر في أكثر من مقالة وفي أكثر من حادثة، ولن أفند أي تهم بعينها هنا، فمهما فندنا من تهم فلن تنقصهم الحيل عن إيجاد تهم آخرى وهذه دوامة نحن لسنا على استعداد لخوضها. ولكم - البيان لمن لم يأبه به في وقته - فهو المعبر عن ما يراه ويعتقده ويناضل من أجله أمازيغ ليبيا.
البيان الختامي لملتقى أمازيغ ليبيا الاول والمنعقد خلال الفترة من 12 حتى 16 - 7 - 2956 امازيغي - 2006 م، هذا نصه:
٭ إن وطننا الليبي الخالد باسمه وتاريخه وهوية شعبه وثقافته، أمانة منوطه بأعناق كل الليبيين الأوفياء. هذه الهوية التي يجسدها الواقع الجغرافي والتاريخي والحضاري والاجتماعي لليبيين عبر آلاف السنين، والتي تشكل المرجعية الأساسية لطرح الحركة الليبية الأمازيغية الساعية إلى استقلالية الولاء والانتماء إلى ليبيا من الساحل إلى عمق الصحراء.
واستنهاضا للروح الوطنية الليبية، فإن أطيافا من الحركة الأمازيغية الليبية من داخل الوطن وخارجه تنادت إلى ملتقى (تامّونت نـ ئمازيغن نـ ليبيا 12–16 من شهر يوليو/ أكَادير)، تعلن للرأي المحلي والإقليمي والعالمي ما يلي:
٭ بأنها حركة غير سياسية بالأساس، وإنما تعمل على تنفيذ كل استحقاقاتها المشروعة ورد الاعتبار لأمازيغية ليبيا "هويةً وثقافةً ًوحضارة"، من خلال إيمانها بالحوار والتعاون السلمي المتحضر عبر مؤسسات المجتمع المدني المأمول خلقها في الداخل، وبإشراك المجتمع الدولي وآلياته الأممية في طرح وتداول قضيتها في إطار الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.
٭ إنها تتخذ من المنهج العلمي العقلاني سبيلاً ً للتناول المتخصص والدقيق لمختلف أطروحاتها الجغرافية والتاريخية والثقافية، وتنبذ كل توظيف سياسي أيدلوجي لها، كما ترفض النظرة والتعامل مع الناطقين بالأمازيغية كأقلية، بل أنها تؤمن بأن الأمازيغية هي لب مكون الهوية الليبية والعامل المشترك الأكثر عمقاً بين جميع الليبيين، ويتجسد ذلك جلياً في بقاء اللغة الليبية واقعاً حيا ً وملموساً وفي مسمياتها الجغرافية وأسماء الأعلام، وفي التوارد أللسني للأمازيغية في مفردات و تراكيب جمل اللهجة الليبية، ناهيك عن شواهد التراث والعادات والأعراف العريقة والتي لا تزال يمارسها المجتمع الليبي دون الانتباه إلي جذورها الأمازيغية.
٭ بأن للقضية الأمازيغية كم من الاستحقاقات العادلة والمشروعة، والمهمشة ظلماً وتعدياً مند عقود من طرف النظام الحاكم، إلا أن الحوار بشأنها أو الخوض فيها، لن يتم إلا بعد تحقيق أرضية فعلية وجادة تتجسد في الآتي:
٭ الاعتراف الرسمي المعلن بالأمازيغية في ليبيا.
٭ التراجع الرسمي عن جميع المواقف والقوانين المجحفة للحق الأمازيغي.
٭ رد الاعتبار المعنوي لرموز الحركة الأمازيغية المتضررة.
٭ إنها تري بأن الحق الأمازيغي واستحقاقاته يعني كل التيارات السياسية والفكرية الليبية بدون استثناء، وتسجل باستياء تجاهل المعارضة السياسية الليبية لهذا الحق، في الوقت الذي ترحب فيه بمجهودات المنظمات الإقليمية و الدولية المدافعة عن حق الإنسان الأمازيغي أينما كان.
وختاماً فإن المشاركين قد قرروا أن يكون الملتقي سنوياً، وأن مكانه الطبيعي داخل الوطن علي أن تتوفر الأرضية لذلك.
تامونت نـ إمازيغين نـ ليبيا
أكـادير 16 - 07 - 2006
بقلم: موحمد ؤمادي
--------------------------------------------------------------------------------
{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الشورى:40-42].
راجعت كل المعاجم ولم أجد تفسير لمعنى كلمة: شخصنة. حتى وأنا أطبع هذه الكلمات لم يتوقف حاسوبي عن تنبيهي إلى أن هذه الكلمة خطأ- من الناحية اللغوية طبعا- فناهيك عن كونها مصدر معاناتنا من الناحية الواقعية، والمعاشية وإليكم مقصدي:
تتبعت في الآونة الأخيرة عن كثب ما حصل ولازال يحصل في مدينة يفرن فتبين لي أن مواقفنا في الغالب الأعم تبنى على - ردود الأفعال والتي بدورها وفي معظمها مبنية على عواطف جياشة تجاه موقف بعينه كحالة يفرن وكمواقف ومسرحيات متكررة كما يحصل لأهالي غزة نصرهم الله.
وتبين لي كذلك أن الأطراف المتصارعة تتلاعب بمصالح البلاد والعباد وفق أيديولوجيات محسوبة بدقة. وأن مسالة حقوق الإنسان أصبحت موضة يتلوكها القاصي والداني. وتبين لي كذلك أن هناك تداخل وتشابك حقيقيين في طرح المسالة الأمازيغية حتى من قبل متبنيها. كما هناك مكابرة حقيقة من أطراف ليبية عديدة تجاه المسألة الأمازيغية لعوامل أيديولوجية وأخرى قبلية متصلبة ومقيتة.
هنا أريد أن أطرح ما أعتقد أنه صواب ولا أدعي بأنه قول مقدس منزل من عند الله، ولا أطالب بأن ينحت على حجر، بل هو رأي ككل الآراء يمكن تناوله ضحداً أو تأكيدا بالحجة والبيان لا بتهم العمالة والتآمر أو بالتهديد والترهيب ولا بالمزايدات وادعاء ملكية الحق المطلق.
الشخصنة
وأقصد بها ببساطة: تحجيم شأن هام عام وربطة قصداً وقسراً بشخص محدد أو مجموعة أشخاص بعينهم.
نحن الليبيون نميل للشخصنة كثيرا، ولعل هذا ناتج عن تراكم تاريخي لسنا بصدد تناوله الآن، ولكنني لاحظت أن ما حصل في يفرن وفي ظرف وجيز تم تحويره وشخصنته بسرعة لم أعهد لها مثيل في تناولنا لقضايا ليبية اخرى، وبقدرة قادر تم نسيان أو تجاوز الموضوع الرئيسي، وأصبح الجميع يتكلم فقط عن البيوت "المخربشة" أو الأرامل التي تم ترويعها،... بل وكتبت الأشعار وسطرت التنديدات وبيانات الشجب من قبل منظمات حقوقية وسياسية، في جلها مواقف مبنية في غالبها على عواطف ومشاعر أقدرها ولا أشك في صدقها. ولكن وفي المقابل تم التغاضي كليةً تقريبا عن التناول الصريح الفصيح للموضوع الأساسي الا وهو: أوضاع الأمازيغية في ليبيا – والتي على ما يبدوا باتت تقوض مضجع النظام القائم في ليبيا.
النظام الليبي - وإن كانت حركاته محسوبة - فهو أراد بهذا الصنيع على ما يبدو أن يبين للعالم أن ما يسمي بالمطالب الأمازيغية، والقضية الأمازيغية برمتها حكر على أفراد بعينهم. وأنهم مصدر القلاقل والبلابل "حسب تعبيره"، فاستخدم السلاح الوحيد الذي يجيد استخدامه وهو سلاح التهديد والترويع، ولم يواجه الحجة بالحجة لأنه يعرف كما يعرف الكثير من المكابرين الليبيين أن الحق حق وإن طال الزمن بالظلم والحيف فهو عائد لأهله لا محالة.
الحق المسلوب
إن ما حصل في يفرن هو غيض من فيض مما نعانيه بصورة يومية من مذلة ومهانة وتحقير – وحتى لا يُصطاد في الماء العكر، فإن المذلة والإهانة بالنسبة لي هي أن تعتبر لغتي لغة دونية، وثقافتي ثقافة منحطة، وأن يطمس تاريخي، وأن يتم حجر أسم ابني ويبدع مذهبي ويتم تخوين المناضلين من أجدادي ومن رفاقي كذلك. فلهذا ولأجل هذا أنا أناضل. وسوف أناضل حتى أسترد حقي وأرد اعتباري كاملا غير منقوص، وحقي هذا شأن غير قابل للتفاوض أو التنازل أو التجزئة أو المساومة. فأنا لست عربي، بل أمازيغي وأقولها بأعلى صوت: أمازيغي هكذا خلقني الله سبحانه. وهكذا وولدت وهكذا أموت، وإذا أراد النظام أن يحاسبني أو أن تحاسبني المعارضة بكل أطيافها فلتحاسبني على هذا الأساس، فأما الكونغرس والأمم المتحدة فهي وسائل يمكن الاستغناء عنها في أي لحظة يسترجع فيها حقي. فكما أن الطرف الآخر ولا أقصد النظام القائم فحسب، يبيح لنفسه حق استخدام كل الوسائل المتاحة لقمعي فأنا لن أتوانى عن استخدام كل ما في يدي من وسائل لاسترجاع حقي والدفاع عن نفسي.
يتم بين الفينة والأخرى إخراجنا عن الجادة وإدخالنا في دوامات نحن في غنى عنها. فالتهم بالعمالة توزع وبشكل مبتذل من قبل الذين نحسبهم إخوان لنا، كما توزع من قبل النظام على شكل سواء. وكذلك السموم المغلفة بقوالب النصح تأتي لنا بكل الطرق والوسائل. والتقاعس الذي لا أجد له مبرر في نصرة حقنا حدث ولا حرج. بل وفي أكثر المواقف حنكة تدس السموم في طيات المقالات والتنديدات الموجهة للنظام.
لنكن صرحاء ولنقلها بأعلى صوتنا: لا للظلم لا للتحقير لا للحيف.
ليبيا بلد يسع الجميع ونحن مكون أساس من مكونات هذا المجتمع ولنا الحق في الوجود، فإن تهدد هذا الحق أو حق أي مواطن ليبي آخر فلنهب جميعا لنصرته. ولنقلها جميعا بأعلى أصواتنا لا للعنصرية باسم الإسلام أو باسم القومية العربية، أو بأي شعار كان. لا للعنصرية.
الأمازيغ مزيج. مطلبهم واحد.
إن الحركة الأمازيغية تضم في ثناياها مزيج من الأطياف، والعديد من الأفكار وكل محاسب على ما يعتنق ومسئول عن ما يكتب. وحتى لا يـُصطاد في الماء العكر مرة أخرى، أقول: إن ما يجب النظر فيه بجد، وتقيمه والتعامل معه هو أدبيات الحركة الأمازيغية، كبيان أگادير 2006 مثلاً، فهو المعبر الحقيقي عن استحقاقاتنا، وهو الخطاب الذي تجتمع حوله الأطياف الأمازيغية بمختلف تلوناتها.
إن موال التربص بأشخاص المناضلين من أجل الاستحقاقات الامازيغية، هي جوقة مكررة مملة تعدونا سماعها ليس في أحداث يفرن فحسب، بل وفي الكثير من المناسبات فردية وجماعية متعددة، لقد سئمناها كما سئمنا الرد وتكرار ما هو معلن ومنشور ومفسر في أكثر من مقالة وفي أكثر من حادثة، ولن أفند أي تهم بعينها هنا، فمهما فندنا من تهم فلن تنقصهم الحيل عن إيجاد تهم آخرى وهذه دوامة نحن لسنا على استعداد لخوضها. ولكم - البيان لمن لم يأبه به في وقته - فهو المعبر عن ما يراه ويعتقده ويناضل من أجله أمازيغ ليبيا.
البيان الختامي لملتقى أمازيغ ليبيا الاول والمنعقد خلال الفترة من 12 حتى 16 - 7 - 2956 امازيغي - 2006 م، هذا نصه:
٭ إن وطننا الليبي الخالد باسمه وتاريخه وهوية شعبه وثقافته، أمانة منوطه بأعناق كل الليبيين الأوفياء. هذه الهوية التي يجسدها الواقع الجغرافي والتاريخي والحضاري والاجتماعي لليبيين عبر آلاف السنين، والتي تشكل المرجعية الأساسية لطرح الحركة الليبية الأمازيغية الساعية إلى استقلالية الولاء والانتماء إلى ليبيا من الساحل إلى عمق الصحراء.
واستنهاضا للروح الوطنية الليبية، فإن أطيافا من الحركة الأمازيغية الليبية من داخل الوطن وخارجه تنادت إلى ملتقى (تامّونت نـ ئمازيغن نـ ليبيا 12–16 من شهر يوليو/ أكَادير)، تعلن للرأي المحلي والإقليمي والعالمي ما يلي:
٭ بأنها حركة غير سياسية بالأساس، وإنما تعمل على تنفيذ كل استحقاقاتها المشروعة ورد الاعتبار لأمازيغية ليبيا "هويةً وثقافةً ًوحضارة"، من خلال إيمانها بالحوار والتعاون السلمي المتحضر عبر مؤسسات المجتمع المدني المأمول خلقها في الداخل، وبإشراك المجتمع الدولي وآلياته الأممية في طرح وتداول قضيتها في إطار الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.
٭ إنها تتخذ من المنهج العلمي العقلاني سبيلاً ً للتناول المتخصص والدقيق لمختلف أطروحاتها الجغرافية والتاريخية والثقافية، وتنبذ كل توظيف سياسي أيدلوجي لها، كما ترفض النظرة والتعامل مع الناطقين بالأمازيغية كأقلية، بل أنها تؤمن بأن الأمازيغية هي لب مكون الهوية الليبية والعامل المشترك الأكثر عمقاً بين جميع الليبيين، ويتجسد ذلك جلياً في بقاء اللغة الليبية واقعاً حيا ً وملموساً وفي مسمياتها الجغرافية وأسماء الأعلام، وفي التوارد أللسني للأمازيغية في مفردات و تراكيب جمل اللهجة الليبية، ناهيك عن شواهد التراث والعادات والأعراف العريقة والتي لا تزال يمارسها المجتمع الليبي دون الانتباه إلي جذورها الأمازيغية.
٭ بأن للقضية الأمازيغية كم من الاستحقاقات العادلة والمشروعة، والمهمشة ظلماً وتعدياً مند عقود من طرف النظام الحاكم، إلا أن الحوار بشأنها أو الخوض فيها، لن يتم إلا بعد تحقيق أرضية فعلية وجادة تتجسد في الآتي:
٭ الاعتراف الرسمي المعلن بالأمازيغية في ليبيا.
٭ التراجع الرسمي عن جميع المواقف والقوانين المجحفة للحق الأمازيغي.
٭ رد الاعتبار المعنوي لرموز الحركة الأمازيغية المتضررة.
٭ إنها تري بأن الحق الأمازيغي واستحقاقاته يعني كل التيارات السياسية والفكرية الليبية بدون استثناء، وتسجل باستياء تجاهل المعارضة السياسية الليبية لهذا الحق، في الوقت الذي ترحب فيه بمجهودات المنظمات الإقليمية و الدولية المدافعة عن حق الإنسان الأمازيغي أينما كان.
وختاماً فإن المشاركين قد قرروا أن يكون الملتقي سنوياً، وأن مكانه الطبيعي داخل الوطن علي أن تتوفر الأرضية لذلك.
تامونت نـ إمازيغين نـ ليبيا
أكـادير 16 - 07 - 2006