رئيس مجلس الإدارة:
طه علي البشير
المدير العام:
هاشم سهل
رئيس التحرير :
النور أحمد النور
مستشار التحرير:
حيدر المكاشفي
مستشار هيئة التحرير:
أمال عباس
مدير التحرير:
حسن البطري
في رسالة بعث بها لهيئة جمع الصف الوطني
«الشعبي » يقترح «خارطة طريق» للخروج من الازمة الوطنية
د. حسن الترابي
ظواهر التأزّم في إقليم دارفور ، وأعراض التوتر في مشروع السلام في الجنوب ، والقلق من مصائر خطي المعالجة لمشكلة الشرق ، والاضطرابات المتوالية في مختلف شعاب الحياة السياسية والاقتصادية العامة ، كلها تداعيات لتأزم أحوال السودان جملة وعواقب لعلّة أوضاعه السلطانية . والأفق الأوسع لرؤية أمور السودان يستدعي همّاً أشمل ويقتضي علاجاً أجمع لشئون السودان المختلفة ولكل شأنه العام . وفيما يلي بعض رؤى لما نقترحه في سياق مساعي هيئتكم الداعية إلي إجماع وطني حول معضلات الوطن المتأزمة وبسط مسيره وتأمين مصيره العام :
نحو نظام حكم قومي انتقالي:
فيما يلي مرجوّات ومطلوبات لازمة لتطوير أحوال نظام السودان السلطاني العام لعهد الانتقال حتي تجري انتخابات مرضية من الجميع تتجلّي عبرها وجهات إرادة الشعب ويقوم ولاته ونوابه وممثلوه ليرسموا نظم السودان التأسيسية من عظات تجاربه ومن مادة الوفاق المبرم حول أوضاعه العامة وليضعوا التشريعات ويتخذوا السياسات ويدبروا الأمور التي يطمئن بها أمن السودان وتنتظم حركته ويندفع تقدمه علي مهاد سياسي مرضي وحسب تطور تغيّر الابتلاءات والظروف وتعاقب خيارات التمثيل الشعبي الشورى الديمقراطي الحر .
والأمر يقتضي تحولاً أساسياً في نظام الحكم القائم ، ولذلك يستلزم سعياً حثيثاً من الهيئة ومن دفوع المشاورات الوطنية . ولكن الأمر يتطلّب أيضاً من شركاء الحكم القائم احتمال أشق التكاليف في اتخاذ العبرة من تجارب السودان في تحوّل النظم العسكرية والسلطوية إلي عهود بسط الحرية واشتراك كل القوي والتنازل عن حوز الغلبة الحاضرة في السلطة ، لا سيما إذا ترسخت في نفوس الحكام فتنة الحكم المتطاول العهد . وإن الوقع الطيب للانتقال نحو ما هو أرضي وآمن لجمهور الشعب سيمضي مذكوراً فيه جميل الذين حملوا تكاليفه وسيعود في العاجلة بالخير والصلاح للوطن بكل قواه وأهله ، وقد يعود لمن يؤمن بوعد الغيب الآجل بتوبة الله الحسني وأجره الأعظم .
ينبغي الحديث الكثيف لإرضاء قادة المؤتمر الوطني خاصة ، ولطمأنينة الحركة الشعبية أن كل الأنصبة المكتسبة لها لصالح جنوب السودان ستظل محفوظة ، وأنه لا ريب من جديد يطرأ علي الحكم القومي مهما يُسمع نقد لانحصار الوفاق الأساسي للسلام ثنائياً أو تُطرح رؤى حوار لا تنفذ واقعاً غير المكتوب في عهد سلام الجنوب إلا بالتراضي والقبول من الحركة لما هو متجدد وأوفق للسودانيين كافة .
/1 الأنظومة الرئاسية : يحسن أن تتسع رئاسة الجمهورية ? محور السلطات الأعظم اليوم - لتصبح مجلساً تحفظ للشريكين الحاضرين موقعيهما الأعليين ثم تضاف مواقع في العضوية لتمثيل دارفور والشرق ولخامس ? يتم وترية العدد ? لعَلم وطني مستقل أو ممثل للقوى المعارضة اليوم . وسلطة الرئاسة لن تبقي مطلقة للمدى الحاضر ولا على النمط الذي يغلب تلقاء علي جملة الوزراء بل تكون لها مكانتها الرمزية في الخارج والداخل ومراسميتها واختصاصاتها في توقيع الإجازة للتشريعات والتعيينات المرفوعة ونحو ذلك من المبادرات والمشاورات والإجراءات المعروفة . هذا كله انتقالي . أما الرئاسة في الدستور القادم فرأينُا أن تكون فردية تمثل وحدة البلاد حول مركزها وتوازن لا مركزية الحكم الفدرالي ، وأن تكون نيابتها لرئيس الوزراء الذي يتم اختياره هو ووزراؤه بموافقة المجلس النيابي القومي .
/2 المنظومة الوزارية : الرأي أن يقتصر عدّها علي ما يستغني عن التضخم المفرط الحالي مركزياً وولائياً . وقد يكون الأوفق التمثيل لغالب القوي السياسية الحزبية ولو كان رمزياً بأنصبة قريبة من التساوي تجمع حتي شرائح الأحزاب . ويمكن أن توكل بقية مواقع لمستقلين ذوي خبرة، لأن الحكم الانتقالي غالبه تسيير لجارى الأمور وقراراته التأسيسية والخطيرة يُتحري فيها الوفاق الأجمع سياسياً . ومن الخير أن يراعي ألا يسيطر حزب أو ائتلاف بين البعض علي مجلس الوزراء غلبة ً.
أما سلطة المجلس التنفيذية فلتكن هي الأعلى حجة ونفاذاً لا تنسخها الرئاسة . وما هو قادم بعد الانتخابات يقتضيه الواقع النيابي - حكم حزب منفرد أو مؤتلف أو جامع ، ويلحق من بعدئذ مقتضى الدستور القادم.
/3 الأنظومة التشريعية الرقابية : بالطبع يقتضي النظام الفدرالي استبقاء المجلسين ? تمثيلاً مباشراً للشعب وآخر للولايات، سنة النظم الفدرالية . لكن العضوية التي ما هي اليوم إلا بالتعيين لا الانتخاب فينبغي أن تتبدّل : يحفظ الجنوب نصيبه بمن يشاء ، والنصيب الشمالي يُسترضي به غالب أهل الشمال فيوزّع بأقسومات متقاربة وشبه متساوية للأحزاب القومية الكبرى ثم الصغرى ثم القوي الإقليمية . ذلك حتي تعقب الانتخابات العامة التي تكيّف النّسب في النوّاب الأصدق تمثيلاً حقاً للشعب .
وتتولي الأنظومة سلطة التشريع لاسيما في الإصلاح القانوني العاجل المذكور أدناه . وتتولي الرقابة السياسية والتعبير بالقرار عن المواقف السياسية الرسمية تعبيراً عن رأى الجمهور العام .
/4 الأنظومة الولائية والمحلية : يُحفظ للجنوب نصيبه في ولاية المناصب السياسية حيثما كان وتوزّع باقي المواقع عبر السودان قسمة حزبية متقاربة أو شاملة لمستقلين ذوي أهلية . ذلك حتي ينحسم أمر حكم الولايات والمحليات رئاسةً ونيابةً بالانتخابات العامة.
/5 عزل القوة المسلّحة عن الأمر السياسي : إن سيرة النظم السلطانية المؤسسة بالشورى وعلاقاتها الخلافية وتدابير التشاور والقرار فيها بسند الرأي العام الحر وضوابطه ينبغي أن تسلم كلها من استعمال الجبروت ومن الطاعة لقوة نظامية مسلحة . وإلا فكل مضمون الوفاق والإجماع السياسي قد تقحمه وتنسخه أوامر القوة النافذة . فالقوات المسلحة ينبغي ألا تكون مثلها اليوم في قيادتها أوصفها من له ولاء حزبي أو انتماء سياسي معلن . وكذلك جهاز الأمن والشرطة ينبغي أن يتولوها مستقلون مهنيون متجردون من الانحياز السياسي . وينبغي أن تضبط سائر القوي الإقليمية المسلحة المأذون ببقائها لمرحلة الانتقال والمليشيات المحلية التي لم تنتظم بعدُ - كلها تلزم ألا تتدخل في السياسة بأي ضغوط منها وأن تترك نظم الحكم الأنتقالي تسير حرة عنها حتي تتوحد كل نظم القوة المسلحة بعد الانتخابات وقيام نظام الحكم القومي والولائي المستقر .
/6الأنظومة السياسية: ينبغي أن تقوم منظومة لكل الأحزاب والقوى السياسية تجري فيها تشاورات راتبة خارج نظم الحكم المؤسسة رسمياً ، لكن تعمل لسندها ومدّها بمادة من الإجماع السياسي لإصلاح الأزمات الإقليمية القائمة أو الأزمات القومية الطارئة وللتشاور في الإصلاح القانوني العاجل والتوافق في منهج الانتخابات العادل القادم ، ونحو ذلك مما يقتضي أن تسوده روح الإجماع الوطني لتجاوز كل عسير في عهد الانتقال حتي يوكل الأمر للشعب ونوابه بعد الانتخابات العامة .
الإصلاح القانوني الأعجل:
مراجعة القوانين والتشريعات القائمة وتطويرها بما يوافق البيئة السياسية الوطنية الحرة واللامركزية والنهضة الاقتصادية والاجتماعية المرجوة للوطن ? إطاراً لحكم القانون يضبط ما هو لازم ومكمّل لدوافع الأعراف والتقاليد وضوابطها في الشئون الوطنية السياسية والمعاشية والاجتماعية ? كل ذلك موكول لإرادة الشعب المتجلية في قرار ممثليه بعد الانتخابات العامة وحكم القانون الصادر منهم . ولكن عهد الانتقال يلزمه لتأسيس المسير الراشد نحو المستقبل الإقدام فوراً لإصلاح تشريعي في قضايا أزمات الوطن الحاضرة وحريته العاجلة أساس الأصول التأسيسية للحكم الدستوري القادم .
/1 فينبغي- أولاً - بسط حرية التعبير السياسي بإصلاح القانون الجنائي من القيود علي نقد السلطة وما فيها من ولاة وسياسات، وإصلاح القانون الصحافي لتيسير الإخراج للصحافة والحظر صراحة علي أي ضوابط من السلطة عليها رقابة أو إغراء بأعطية الإعلان الرسمي أو الصادر من القطاع العام . وينبغي إطلاق حرية الانتداء والتظاهر لكل أحد دون استعمال القوة منه على مخالفه أو عليه من السلطة . ولابد من إلغاء أي سلطة لفرض الاعتقال التحفظي السياسي ، وضبط الحبس وفق الإجراءات الجنائية بإجراءات وآجال محدودة لا تقديرية .
/2 وينبغي ? ثانياً ? معالجة مشروع قانون الأحزاب حيث الأوفق ألا ينظمها إلا حكم رأي الشعب كالطوائف الدينية . ولكن إذا لزم شيء فينبغي أن يسلم القانون المقترح من القيود والضوابط المتنطعة علي حرية قيام الأحزاب . لكن لابد من حجب التمويل من المال العام عن أي حزب له مكان في سلطة ، ولابد من بسط الحرية المطلقة لحركة الأحزاب في وسط الجماهير .
/3 ثم ينبغي ? ثالثاً ? الاتفاق علي قانون انتخاب تتولي إجراء الانتخابات به هيئة مستقلة استقلال القضاء ، مع تعزيز عملها بالرقابة القضائية علي إجراءات التسجيل والترشيح والاقتراع . ويلزم أن يستدرك القانون تمثيل النساء في الهيئة التشريعية بنحو الخمس انتخاباً من جمهور النساء مباشراً في الولايات أو في دوائر . ولابد من كفّ يد مَن في السلطة والإدارة من التأثير علي حملة الانتخابات بالإعلام العام والمعارض والطوافات الرسمية ، وكف الأمن والشرطة من قيد حرية الدعاة والدعاية . وإذا أمكن يحسن مساواة عرض كل المرشحين بفرص متماثلة في الانتداء والصحافة والإذاعة تحتمل تكاليفها هيئة الانتخابات . ويحسن أن تقوم الانتخابات علي ما كان معهوداً ويترك النظر في التمثيل النسبي إلي عهد مستقبل .
ولابد من أن تجري الانتخابات أعجل ما تيسر ردّاً للسلطة إلي الشعب ، ولكن بعد حين من عرض الأحزاب نفسها وبرامجها علي الناخبين ليكون الخيار علي برامج توكيل وتمثيل لا بأثر الشخصيات المحلي . وذلك كله قد يقتضي نحو عام بعد قيام النظام الانتقالي القومي . وذلك يقتضي ألا تترك الانتخابات وأجلها للشريكين الحاضرين في الحكم خشية أن يؤدي الأمر إلى إرجاء متطاول ليستمر التمتع بولاية السلطة أو إلي يأسٍ من الحرية العادلة في منهج الانتخاب فنزوعٍ إلي المقاطعة وانحباسٍ للتقدم المرجو نحو الشورى والديمقراطية والمستقبل الوطني المبني علي التراضي علي أسس الحكم المشروع والسلام المطمئن .
/4 وينبغي ? رابعاً ? وضع قانون لمكافحة الفساد ومعاقبته لجزاء سوابقه ولسد ذرائعه وتجنب شبهاته التي قد يفرط مداها . وذلك بإقامة هيئة إدعاء مستقلة مؤقتة للتحري القانوني والحسابي البالغ والرفع للقضاء إن لاحت بيّنات علي احتمال فساد.
/
طه علي البشير
المدير العام:
هاشم سهل
رئيس التحرير :
النور أحمد النور
مستشار التحرير:
حيدر المكاشفي
مستشار هيئة التحرير:
أمال عباس
مدير التحرير:
حسن البطري
في رسالة بعث بها لهيئة جمع الصف الوطني
«الشعبي » يقترح «خارطة طريق» للخروج من الازمة الوطنية
د. حسن الترابي
ظواهر التأزّم في إقليم دارفور ، وأعراض التوتر في مشروع السلام في الجنوب ، والقلق من مصائر خطي المعالجة لمشكلة الشرق ، والاضطرابات المتوالية في مختلف شعاب الحياة السياسية والاقتصادية العامة ، كلها تداعيات لتأزم أحوال السودان جملة وعواقب لعلّة أوضاعه السلطانية . والأفق الأوسع لرؤية أمور السودان يستدعي همّاً أشمل ويقتضي علاجاً أجمع لشئون السودان المختلفة ولكل شأنه العام . وفيما يلي بعض رؤى لما نقترحه في سياق مساعي هيئتكم الداعية إلي إجماع وطني حول معضلات الوطن المتأزمة وبسط مسيره وتأمين مصيره العام :
نحو نظام حكم قومي انتقالي:
فيما يلي مرجوّات ومطلوبات لازمة لتطوير أحوال نظام السودان السلطاني العام لعهد الانتقال حتي تجري انتخابات مرضية من الجميع تتجلّي عبرها وجهات إرادة الشعب ويقوم ولاته ونوابه وممثلوه ليرسموا نظم السودان التأسيسية من عظات تجاربه ومن مادة الوفاق المبرم حول أوضاعه العامة وليضعوا التشريعات ويتخذوا السياسات ويدبروا الأمور التي يطمئن بها أمن السودان وتنتظم حركته ويندفع تقدمه علي مهاد سياسي مرضي وحسب تطور تغيّر الابتلاءات والظروف وتعاقب خيارات التمثيل الشعبي الشورى الديمقراطي الحر .
والأمر يقتضي تحولاً أساسياً في نظام الحكم القائم ، ولذلك يستلزم سعياً حثيثاً من الهيئة ومن دفوع المشاورات الوطنية . ولكن الأمر يتطلّب أيضاً من شركاء الحكم القائم احتمال أشق التكاليف في اتخاذ العبرة من تجارب السودان في تحوّل النظم العسكرية والسلطوية إلي عهود بسط الحرية واشتراك كل القوي والتنازل عن حوز الغلبة الحاضرة في السلطة ، لا سيما إذا ترسخت في نفوس الحكام فتنة الحكم المتطاول العهد . وإن الوقع الطيب للانتقال نحو ما هو أرضي وآمن لجمهور الشعب سيمضي مذكوراً فيه جميل الذين حملوا تكاليفه وسيعود في العاجلة بالخير والصلاح للوطن بكل قواه وأهله ، وقد يعود لمن يؤمن بوعد الغيب الآجل بتوبة الله الحسني وأجره الأعظم .
ينبغي الحديث الكثيف لإرضاء قادة المؤتمر الوطني خاصة ، ولطمأنينة الحركة الشعبية أن كل الأنصبة المكتسبة لها لصالح جنوب السودان ستظل محفوظة ، وأنه لا ريب من جديد يطرأ علي الحكم القومي مهما يُسمع نقد لانحصار الوفاق الأساسي للسلام ثنائياً أو تُطرح رؤى حوار لا تنفذ واقعاً غير المكتوب في عهد سلام الجنوب إلا بالتراضي والقبول من الحركة لما هو متجدد وأوفق للسودانيين كافة .
/1 الأنظومة الرئاسية : يحسن أن تتسع رئاسة الجمهورية ? محور السلطات الأعظم اليوم - لتصبح مجلساً تحفظ للشريكين الحاضرين موقعيهما الأعليين ثم تضاف مواقع في العضوية لتمثيل دارفور والشرق ولخامس ? يتم وترية العدد ? لعَلم وطني مستقل أو ممثل للقوى المعارضة اليوم . وسلطة الرئاسة لن تبقي مطلقة للمدى الحاضر ولا على النمط الذي يغلب تلقاء علي جملة الوزراء بل تكون لها مكانتها الرمزية في الخارج والداخل ومراسميتها واختصاصاتها في توقيع الإجازة للتشريعات والتعيينات المرفوعة ونحو ذلك من المبادرات والمشاورات والإجراءات المعروفة . هذا كله انتقالي . أما الرئاسة في الدستور القادم فرأينُا أن تكون فردية تمثل وحدة البلاد حول مركزها وتوازن لا مركزية الحكم الفدرالي ، وأن تكون نيابتها لرئيس الوزراء الذي يتم اختياره هو ووزراؤه بموافقة المجلس النيابي القومي .
/2 المنظومة الوزارية : الرأي أن يقتصر عدّها علي ما يستغني عن التضخم المفرط الحالي مركزياً وولائياً . وقد يكون الأوفق التمثيل لغالب القوي السياسية الحزبية ولو كان رمزياً بأنصبة قريبة من التساوي تجمع حتي شرائح الأحزاب . ويمكن أن توكل بقية مواقع لمستقلين ذوي خبرة، لأن الحكم الانتقالي غالبه تسيير لجارى الأمور وقراراته التأسيسية والخطيرة يُتحري فيها الوفاق الأجمع سياسياً . ومن الخير أن يراعي ألا يسيطر حزب أو ائتلاف بين البعض علي مجلس الوزراء غلبة ً.
أما سلطة المجلس التنفيذية فلتكن هي الأعلى حجة ونفاذاً لا تنسخها الرئاسة . وما هو قادم بعد الانتخابات يقتضيه الواقع النيابي - حكم حزب منفرد أو مؤتلف أو جامع ، ويلحق من بعدئذ مقتضى الدستور القادم.
/3 الأنظومة التشريعية الرقابية : بالطبع يقتضي النظام الفدرالي استبقاء المجلسين ? تمثيلاً مباشراً للشعب وآخر للولايات، سنة النظم الفدرالية . لكن العضوية التي ما هي اليوم إلا بالتعيين لا الانتخاب فينبغي أن تتبدّل : يحفظ الجنوب نصيبه بمن يشاء ، والنصيب الشمالي يُسترضي به غالب أهل الشمال فيوزّع بأقسومات متقاربة وشبه متساوية للأحزاب القومية الكبرى ثم الصغرى ثم القوي الإقليمية . ذلك حتي تعقب الانتخابات العامة التي تكيّف النّسب في النوّاب الأصدق تمثيلاً حقاً للشعب .
وتتولي الأنظومة سلطة التشريع لاسيما في الإصلاح القانوني العاجل المذكور أدناه . وتتولي الرقابة السياسية والتعبير بالقرار عن المواقف السياسية الرسمية تعبيراً عن رأى الجمهور العام .
/4 الأنظومة الولائية والمحلية : يُحفظ للجنوب نصيبه في ولاية المناصب السياسية حيثما كان وتوزّع باقي المواقع عبر السودان قسمة حزبية متقاربة أو شاملة لمستقلين ذوي أهلية . ذلك حتي ينحسم أمر حكم الولايات والمحليات رئاسةً ونيابةً بالانتخابات العامة.
/5 عزل القوة المسلّحة عن الأمر السياسي : إن سيرة النظم السلطانية المؤسسة بالشورى وعلاقاتها الخلافية وتدابير التشاور والقرار فيها بسند الرأي العام الحر وضوابطه ينبغي أن تسلم كلها من استعمال الجبروت ومن الطاعة لقوة نظامية مسلحة . وإلا فكل مضمون الوفاق والإجماع السياسي قد تقحمه وتنسخه أوامر القوة النافذة . فالقوات المسلحة ينبغي ألا تكون مثلها اليوم في قيادتها أوصفها من له ولاء حزبي أو انتماء سياسي معلن . وكذلك جهاز الأمن والشرطة ينبغي أن يتولوها مستقلون مهنيون متجردون من الانحياز السياسي . وينبغي أن تضبط سائر القوي الإقليمية المسلحة المأذون ببقائها لمرحلة الانتقال والمليشيات المحلية التي لم تنتظم بعدُ - كلها تلزم ألا تتدخل في السياسة بأي ضغوط منها وأن تترك نظم الحكم الأنتقالي تسير حرة عنها حتي تتوحد كل نظم القوة المسلحة بعد الانتخابات وقيام نظام الحكم القومي والولائي المستقر .
/6الأنظومة السياسية: ينبغي أن تقوم منظومة لكل الأحزاب والقوى السياسية تجري فيها تشاورات راتبة خارج نظم الحكم المؤسسة رسمياً ، لكن تعمل لسندها ومدّها بمادة من الإجماع السياسي لإصلاح الأزمات الإقليمية القائمة أو الأزمات القومية الطارئة وللتشاور في الإصلاح القانوني العاجل والتوافق في منهج الانتخابات العادل القادم ، ونحو ذلك مما يقتضي أن تسوده روح الإجماع الوطني لتجاوز كل عسير في عهد الانتقال حتي يوكل الأمر للشعب ونوابه بعد الانتخابات العامة .
الإصلاح القانوني الأعجل:
مراجعة القوانين والتشريعات القائمة وتطويرها بما يوافق البيئة السياسية الوطنية الحرة واللامركزية والنهضة الاقتصادية والاجتماعية المرجوة للوطن ? إطاراً لحكم القانون يضبط ما هو لازم ومكمّل لدوافع الأعراف والتقاليد وضوابطها في الشئون الوطنية السياسية والمعاشية والاجتماعية ? كل ذلك موكول لإرادة الشعب المتجلية في قرار ممثليه بعد الانتخابات العامة وحكم القانون الصادر منهم . ولكن عهد الانتقال يلزمه لتأسيس المسير الراشد نحو المستقبل الإقدام فوراً لإصلاح تشريعي في قضايا أزمات الوطن الحاضرة وحريته العاجلة أساس الأصول التأسيسية للحكم الدستوري القادم .
/1 فينبغي- أولاً - بسط حرية التعبير السياسي بإصلاح القانون الجنائي من القيود علي نقد السلطة وما فيها من ولاة وسياسات، وإصلاح القانون الصحافي لتيسير الإخراج للصحافة والحظر صراحة علي أي ضوابط من السلطة عليها رقابة أو إغراء بأعطية الإعلان الرسمي أو الصادر من القطاع العام . وينبغي إطلاق حرية الانتداء والتظاهر لكل أحد دون استعمال القوة منه على مخالفه أو عليه من السلطة . ولابد من إلغاء أي سلطة لفرض الاعتقال التحفظي السياسي ، وضبط الحبس وفق الإجراءات الجنائية بإجراءات وآجال محدودة لا تقديرية .
/2 وينبغي ? ثانياً ? معالجة مشروع قانون الأحزاب حيث الأوفق ألا ينظمها إلا حكم رأي الشعب كالطوائف الدينية . ولكن إذا لزم شيء فينبغي أن يسلم القانون المقترح من القيود والضوابط المتنطعة علي حرية قيام الأحزاب . لكن لابد من حجب التمويل من المال العام عن أي حزب له مكان في سلطة ، ولابد من بسط الحرية المطلقة لحركة الأحزاب في وسط الجماهير .
/3 ثم ينبغي ? ثالثاً ? الاتفاق علي قانون انتخاب تتولي إجراء الانتخابات به هيئة مستقلة استقلال القضاء ، مع تعزيز عملها بالرقابة القضائية علي إجراءات التسجيل والترشيح والاقتراع . ويلزم أن يستدرك القانون تمثيل النساء في الهيئة التشريعية بنحو الخمس انتخاباً من جمهور النساء مباشراً في الولايات أو في دوائر . ولابد من كفّ يد مَن في السلطة والإدارة من التأثير علي حملة الانتخابات بالإعلام العام والمعارض والطوافات الرسمية ، وكف الأمن والشرطة من قيد حرية الدعاة والدعاية . وإذا أمكن يحسن مساواة عرض كل المرشحين بفرص متماثلة في الانتداء والصحافة والإذاعة تحتمل تكاليفها هيئة الانتخابات . ويحسن أن تقوم الانتخابات علي ما كان معهوداً ويترك النظر في التمثيل النسبي إلي عهد مستقبل .
ولابد من أن تجري الانتخابات أعجل ما تيسر ردّاً للسلطة إلي الشعب ، ولكن بعد حين من عرض الأحزاب نفسها وبرامجها علي الناخبين ليكون الخيار علي برامج توكيل وتمثيل لا بأثر الشخصيات المحلي . وذلك كله قد يقتضي نحو عام بعد قيام النظام الانتقالي القومي . وذلك يقتضي ألا تترك الانتخابات وأجلها للشريكين الحاضرين في الحكم خشية أن يؤدي الأمر إلى إرجاء متطاول ليستمر التمتع بولاية السلطة أو إلي يأسٍ من الحرية العادلة في منهج الانتخاب فنزوعٍ إلي المقاطعة وانحباسٍ للتقدم المرجو نحو الشورى والديمقراطية والمستقبل الوطني المبني علي التراضي علي أسس الحكم المشروع والسلام المطمئن .
/4 وينبغي ? رابعاً ? وضع قانون لمكافحة الفساد ومعاقبته لجزاء سوابقه ولسد ذرائعه وتجنب شبهاته التي قد يفرط مداها . وذلك بإقامة هيئة إدعاء مستقلة مؤقتة للتحري القانوني والحسابي البالغ والرفع للقضاء إن لاحت بيّنات علي احتمال فساد.
/