يوم الحذاء العربي
ليس كثيراً على الحذاء، في زمن حلّت النعال في السلطة محل الرجال، ان يكون له في عـالم العرب يوم تكريم وتمجيد. فقد أصبح حذاء منتظر الزيدي، بعد طول إنتظار، رمزاً ليقظة هادرة في وجه ظلم وإستبداد وهيمنة فاجرة مارسها جورج دبليو بوش ونعاله في بلاد الرافدين وغيرها من بلاد العرب والعجم.
أجـل، ليكن 14 كانون الأول (ديسمبر) يوم الحذاء العربي، بل يوم الفداء العربي، في وجه الظلم والإستبداد والإحتلال. ألم تنطو نخوة منتظر الزيدي على عملية فدائية، ولا أقول إستشهادية، يفتدي بشخصه كرامة أمةٍ مهدورة وشعب مهان وذبيح؟ ألم يرفع الناس عالياً في بغداد وأماكن أخرى في العالم أحذيةً على عصيّ وقضبان ليرمزوا بها الى يقظة طال إنتظارها في وجه مجرم حرب كذوب؟
ها هو المرجع الأصدق للمسلمين الشيعة العرب يعلنها من بيروت صيحةً، بل لعلها فتوى، في وجه واشنطن ونعالها في المنطقة: ' إن مقاربات السياسة الأمريكية الخاطئة لقضايا الشرق الأوسط ستؤدي إلى مزيد من الفشل والمزيد من الأحذية'. لم يتوقف السيد فضل الله أمام مسارعة أغبياء أو خبثاء أو الإثنين معاً إلى محاولة النيل من منتظر الزيدي بالقول إنه يساري يرفع في منزله عالياً صورةً لبطله تشي غيفارا، لم يتوقف السيد أمام هذه الواقعة بل لعلها زادته غبطةً بنخوة صاحب الحذاء الرمز الذي فضح بجرأته حفنةً من أهل التبعية للأجنبي بين الفقهاء والعلماء وأمثالهم من الحكام الأزلام. أين السيستاني في العراق والطنطاوي في مصر ومن هم على السوية نفسها في السعودية ولبنان من أصالة السيد فضل الله وجرأته في قول الحق في وجه سلاطين جائرين؟
انه لمن دواعي السرور ان تتكشف نخوة الزيدي عن حقيقة ساطعة أخرى هي ان ثمة يساريين وشيوعيين في العراق ما زالوا على سوية ثورية رفيعة، لم ينل منها إلتحاق أحد أجنحة الحزب الشيوعي العراقي وبعض اليساريين المارقين بالطغمة الفاجرة بعد عودة أركانها إلى العراق في ذيل الدبابات الأمريكية لينصّبهم بوش ووكلاؤه حكاماً أزلاماً في بلاد الرافدين.
لعل من أبرز دلالات 'يوم الحذاء' في بغداد ان تظاهرات ومسيرات صاخبة جابت شوارع العاصمة، مدينة الصدر خاصةً، وسائر مدن العراق بل في معظم عواصم العرب، حيث شاركت فيها مختلف التيارات والاتجاهات والمذاهب والمشارب لتحيّي وتمجّد رامي الحذاء الرمز، مناديةً بالإفراج عنه أو بتوفير محاكمة عادلة له. ثم أليس لافتاً هذه المجاميع من المحامين في شتى أقطار العروبة يتزاحمون لقيد أسمائهم للدفاع عن الزيدي وتثمين عمليته الرامزة؟
كان بعض العرب في حال هجوع وبعضهم الآخر في حال إستكانة قاتلة لعدو ماكر، أمريكي صهيوني، انزل فيهم من القتلى والجرحى ومن الكوارث والنكبات والخسائر والأضرار ما يتجاوز بمراحل ما أنزلته الدول الأوروبية والأمريكية ببعضها بعضاً في حربين عالميتين خلال القرن الماضي. هكذا كانت حال العرب لحظة قام شاب تهدر الكرامة في عروقه ليوجه إلى وجه رمز الظلم والإستبداد والهيمنة في العالم قذيفة من طراز خاص، فكان ان اشتعلت في لحظة دنيا العرب بأصوات الإبتهاج بجرأته النادرة وصيحات التنديد ببوش الكذوب.
ردود الفعل في العالم لم تكن أقل دوياً وطرافة. فقد نقلت وكالات الأنباء ان 112 مجموعة ظهرت سريعاً على موقع 'فايس بوك' الاجتماعي منذ ساعات الصباح في اليوم التالي، حملت أسماء ساخرة ونعوت طريفة بحق بوش. وتمّ على موقع 'يوتيوب' التابع لشركة 'غوغل' تحميل اكثر من 70 شريط فيديو للحدث. كما شاهد الصور التي نقلتها محطات تلفزة 600 ألف زائر حتى قبل ظهر اليوم التالي، فيما شاهد موقع 'ديلي موشن' الفرنسي لتبادل أشرطة الفيديو تحميل 50 شريطاً شاهده أكثر من 200 ألف مشاهد.
لعل من حق العرب وكل من ناله أذى من أمريكا وإسرائيل ان يبتهج ويفرح، فقد طال بنا زمن الحزن والخيبة. اجل، من حقنا ان نتداول فيما بيننا نماذج من التعليقات والطرائف التي تبادلها الملايين عقب الحدث التاريخي:
ربما يكون الحذاء بداية لحل الأزمة.
الحجاج رجموا الشيطان بالحصى ومنتظر رجم بوش بالحذاء.
الحذاء الذهبي صاحب أجمل هدف على رأس بوش.
لدينا أحذية مصممة لقذف رؤوس المستبدين.
أميركا ستُدخل الصحافيين إلى الندوات الصحافية عراة بعد اليوم.
الاسم الجديد لبوش هو: 'جورج دبليو شوز'.
قرار حكومي بعدم لبس الأحذية في المؤتمرات الصحافية.
ضرورة إنشاء وسام عراقي رفيع من درجة 'حذاء منتظر الزيدي'.
الأجهزة الأمنية تداهم مصانع الأحذية في الخليل بعد اكتشاف مخزن للأحذية في نقابة الصحافيين.
الدفاعات الجوية الأمريكية فشلت في صد صواريخ الزيدي.
أدليت بدلوي، كغيري، في لحظة النشوة الغامرة بالحدث التاريخي. فقد اتصلت بالرئيس سليم الحص وأشرت عليه بأن يتضمن البيان الأسبوعي لـِ 'منبر الوحدة الوطنية' اقتراحاً يوجّه إلى العراقيين وآخر إلى العرب. الأول يدعو إلى وضع حذاء منتظر الزيدي في المتحف العراقي. الثاني ان يكرس تاريخ 14 كانون الأول (ديسمبر) بإسم 'يوم الحذاء العربي في وجه الظلم والإستبداد والهيمنة'. بمقدار ما يستحق الزيدي من إشادة وتكريم، بمقدار ما يستحق بوش من هزء وسخرية. فهو لم يكتفِ، عقب الحدث مباشرةً، بالقول إنه 'ثمن الحرية والديمقراطية التي ينعم بها العراق'، متناسياً ان 'ديمقراطيته' تلك كلفت بلاد الرافدين أكثر من مليون قتيل ودمرت البلد وتسببت في نهب ثرواته وآثاره... لم يكتفِ بذلك التعليق السخيف بل قال في وصف الحدث أثناء زيارته اللاحقة لأفغانستان: 'اعتقد ان الأمر كان مشوّقاً، لكني لم اشعر بالإهانة'.
يذكّرني وصف بوش للحدث بقول اللبنانيين في وصف الجبان الكذوب: اذا بصقت في وجهه يقول الدنيا تمطر!
غير ان أصـدق الطرائف المتداولة في وصـف عملية منتظر الزيدي الفدائية هي: 'حذاء منتظر مكافأة نهاية الخدمة لبوش'!
أجل، لعلها كذلك لأنها الأكثر طرافة وفعالية في إقناع الشعب الأمريكي بأن مجرم الحرب والكذّاب المحترف جورج دبليو بوش هو السبب الأول لكراهية أمريكا في العالم.
متى تحاكمه أمريكا؟
ليس كثيراً على الحذاء، في زمن حلّت النعال في السلطة محل الرجال، ان يكون له في عـالم العرب يوم تكريم وتمجيد. فقد أصبح حذاء منتظر الزيدي، بعد طول إنتظار، رمزاً ليقظة هادرة في وجه ظلم وإستبداد وهيمنة فاجرة مارسها جورج دبليو بوش ونعاله في بلاد الرافدين وغيرها من بلاد العرب والعجم.
أجـل، ليكن 14 كانون الأول (ديسمبر) يوم الحذاء العربي، بل يوم الفداء العربي، في وجه الظلم والإستبداد والإحتلال. ألم تنطو نخوة منتظر الزيدي على عملية فدائية، ولا أقول إستشهادية، يفتدي بشخصه كرامة أمةٍ مهدورة وشعب مهان وذبيح؟ ألم يرفع الناس عالياً في بغداد وأماكن أخرى في العالم أحذيةً على عصيّ وقضبان ليرمزوا بها الى يقظة طال إنتظارها في وجه مجرم حرب كذوب؟
ها هو المرجع الأصدق للمسلمين الشيعة العرب يعلنها من بيروت صيحةً، بل لعلها فتوى، في وجه واشنطن ونعالها في المنطقة: ' إن مقاربات السياسة الأمريكية الخاطئة لقضايا الشرق الأوسط ستؤدي إلى مزيد من الفشل والمزيد من الأحذية'. لم يتوقف السيد فضل الله أمام مسارعة أغبياء أو خبثاء أو الإثنين معاً إلى محاولة النيل من منتظر الزيدي بالقول إنه يساري يرفع في منزله عالياً صورةً لبطله تشي غيفارا، لم يتوقف السيد أمام هذه الواقعة بل لعلها زادته غبطةً بنخوة صاحب الحذاء الرمز الذي فضح بجرأته حفنةً من أهل التبعية للأجنبي بين الفقهاء والعلماء وأمثالهم من الحكام الأزلام. أين السيستاني في العراق والطنطاوي في مصر ومن هم على السوية نفسها في السعودية ولبنان من أصالة السيد فضل الله وجرأته في قول الحق في وجه سلاطين جائرين؟
انه لمن دواعي السرور ان تتكشف نخوة الزيدي عن حقيقة ساطعة أخرى هي ان ثمة يساريين وشيوعيين في العراق ما زالوا على سوية ثورية رفيعة، لم ينل منها إلتحاق أحد أجنحة الحزب الشيوعي العراقي وبعض اليساريين المارقين بالطغمة الفاجرة بعد عودة أركانها إلى العراق في ذيل الدبابات الأمريكية لينصّبهم بوش ووكلاؤه حكاماً أزلاماً في بلاد الرافدين.
لعل من أبرز دلالات 'يوم الحذاء' في بغداد ان تظاهرات ومسيرات صاخبة جابت شوارع العاصمة، مدينة الصدر خاصةً، وسائر مدن العراق بل في معظم عواصم العرب، حيث شاركت فيها مختلف التيارات والاتجاهات والمذاهب والمشارب لتحيّي وتمجّد رامي الحذاء الرمز، مناديةً بالإفراج عنه أو بتوفير محاكمة عادلة له. ثم أليس لافتاً هذه المجاميع من المحامين في شتى أقطار العروبة يتزاحمون لقيد أسمائهم للدفاع عن الزيدي وتثمين عمليته الرامزة؟
كان بعض العرب في حال هجوع وبعضهم الآخر في حال إستكانة قاتلة لعدو ماكر، أمريكي صهيوني، انزل فيهم من القتلى والجرحى ومن الكوارث والنكبات والخسائر والأضرار ما يتجاوز بمراحل ما أنزلته الدول الأوروبية والأمريكية ببعضها بعضاً في حربين عالميتين خلال القرن الماضي. هكذا كانت حال العرب لحظة قام شاب تهدر الكرامة في عروقه ليوجه إلى وجه رمز الظلم والإستبداد والهيمنة في العالم قذيفة من طراز خاص، فكان ان اشتعلت في لحظة دنيا العرب بأصوات الإبتهاج بجرأته النادرة وصيحات التنديد ببوش الكذوب.
ردود الفعل في العالم لم تكن أقل دوياً وطرافة. فقد نقلت وكالات الأنباء ان 112 مجموعة ظهرت سريعاً على موقع 'فايس بوك' الاجتماعي منذ ساعات الصباح في اليوم التالي، حملت أسماء ساخرة ونعوت طريفة بحق بوش. وتمّ على موقع 'يوتيوب' التابع لشركة 'غوغل' تحميل اكثر من 70 شريط فيديو للحدث. كما شاهد الصور التي نقلتها محطات تلفزة 600 ألف زائر حتى قبل ظهر اليوم التالي، فيما شاهد موقع 'ديلي موشن' الفرنسي لتبادل أشرطة الفيديو تحميل 50 شريطاً شاهده أكثر من 200 ألف مشاهد.
لعل من حق العرب وكل من ناله أذى من أمريكا وإسرائيل ان يبتهج ويفرح، فقد طال بنا زمن الحزن والخيبة. اجل، من حقنا ان نتداول فيما بيننا نماذج من التعليقات والطرائف التي تبادلها الملايين عقب الحدث التاريخي:
ربما يكون الحذاء بداية لحل الأزمة.
الحجاج رجموا الشيطان بالحصى ومنتظر رجم بوش بالحذاء.
الحذاء الذهبي صاحب أجمل هدف على رأس بوش.
لدينا أحذية مصممة لقذف رؤوس المستبدين.
أميركا ستُدخل الصحافيين إلى الندوات الصحافية عراة بعد اليوم.
الاسم الجديد لبوش هو: 'جورج دبليو شوز'.
قرار حكومي بعدم لبس الأحذية في المؤتمرات الصحافية.
ضرورة إنشاء وسام عراقي رفيع من درجة 'حذاء منتظر الزيدي'.
الأجهزة الأمنية تداهم مصانع الأحذية في الخليل بعد اكتشاف مخزن للأحذية في نقابة الصحافيين.
الدفاعات الجوية الأمريكية فشلت في صد صواريخ الزيدي.
أدليت بدلوي، كغيري، في لحظة النشوة الغامرة بالحدث التاريخي. فقد اتصلت بالرئيس سليم الحص وأشرت عليه بأن يتضمن البيان الأسبوعي لـِ 'منبر الوحدة الوطنية' اقتراحاً يوجّه إلى العراقيين وآخر إلى العرب. الأول يدعو إلى وضع حذاء منتظر الزيدي في المتحف العراقي. الثاني ان يكرس تاريخ 14 كانون الأول (ديسمبر) بإسم 'يوم الحذاء العربي في وجه الظلم والإستبداد والهيمنة'. بمقدار ما يستحق الزيدي من إشادة وتكريم، بمقدار ما يستحق بوش من هزء وسخرية. فهو لم يكتفِ، عقب الحدث مباشرةً، بالقول إنه 'ثمن الحرية والديمقراطية التي ينعم بها العراق'، متناسياً ان 'ديمقراطيته' تلك كلفت بلاد الرافدين أكثر من مليون قتيل ودمرت البلد وتسببت في نهب ثرواته وآثاره... لم يكتفِ بذلك التعليق السخيف بل قال في وصف الحدث أثناء زيارته اللاحقة لأفغانستان: 'اعتقد ان الأمر كان مشوّقاً، لكني لم اشعر بالإهانة'.
يذكّرني وصف بوش للحدث بقول اللبنانيين في وصف الجبان الكذوب: اذا بصقت في وجهه يقول الدنيا تمطر!
غير ان أصـدق الطرائف المتداولة في وصـف عملية منتظر الزيدي الفدائية هي: 'حذاء منتظر مكافأة نهاية الخدمة لبوش'!
أجل، لعلها كذلك لأنها الأكثر طرافة وفعالية في إقناع الشعب الأمريكي بأن مجرم الحرب والكذّاب المحترف جورج دبليو بوش هو السبب الأول لكراهية أمريكا في العالم.
متى تحاكمه أمريكا؟