تابعت باهتمام ما أعقب التصريحات بخصوص اعتماد اللغة الإنجليزية في التعليم الخاص، والمواقف التي سجلت سواء كانت مؤيدة أو معارضة، ولقد لفت نظري أكثر الموجة المعارضة لهذا القرار والتي انطلقت أغلبها من قاعدة نقد عاطفي وكأنه هجوم يهدد كياننا الفكري والعقائدي ووجودنا الفعلي على الخارطة الكونية. لكن البعض نسي أن مناهج لغتنا العربية تحتضر، البعض يكتب من قاعدة أن لغة التعليم الرسمي في المدارس هي العربية الفصحى، وإننا حينما نتخرج بعد سنوات التعليم الأساسي نتخرج بمهارات لغوية فصحى عالية جداً، لكن الحقيقة المرة التي أتذكرها في سنوات دراستي الأساسية أن الدروس كانت تدرس بلغة محكية في الأغلب باستثناء دروس تلاوة القرآن! فهل نعتبر اللغة المحكية في التعليم لغة عربية فصحى؟
قبل أن نحاسب اللغة الإنجليزية ونجعلها كعادتنا في التفكير العربي سبباً لانحدار اللغة العربية، ربما لأننا شعوب تعاني من اتكالية فكرية! هل حاسبنا ما يكتبه البعض على ذمة اللغة العربية؟ كثيراً ما أتصفح مقالات في صحف يومية، لأفاجأ بأسلوب الكتابة عند البعض الذي أبلغ ما يوصف به هو أسلوب كتابة محكية، لا أعني الكتابة بمفردات عامية، بل أسلوب الكتابة الذي يبدو كأحاديث مقاه، أسلوب يعاني من ضعف في البناء والتركيب وضعف المضمون والمحتوى وبتوقيع أسماء كبيرة! بالإضافة إلى طفرة الأدب الحديثة في اليمن فنافسنا بذلك مطاعم الفاست فوود الأمريكية بإنتاج روايات بذات السرعة التي تنتج بها تلك الوجبات غير الصحية! فهل كلف أحدهم عناء تقييم تلك الأعمال من ناحية لغوية؟ وهل يعقل أن كل ما يكتب على ذمة اللغة العربية من ركاكة لم يهدد كيانها سوى حينما أعلنا عن دخول اللغة الإنجليزية في التعليم "الخاص"؟
أهلاً باللغة الإنجليزية، إذا كان الطالب سوف يتعلم كتابة وتحدثاً لغة إنجليزية فصيحة بدلاً من عربية محكية! أهلاً باللغة الإنجليزية، إذا كانت ستقرع جرس الخطر، وتجعلنا نعيد النظر في مناهجنا، وتحفزنا على الرقي بالمناهج العربية، ومستويات الكتابة الإبداعية والأدب. أهلاً باللغة الإنجليزية، إذا كانت ستحفز القائمين على العربية وفطاحلتها على المنافسة والتطوير. أهلاً باللغة الإنجليزية، التي ستجعلنا ندرك أهمية المحافظة على لغتنا العربية.
وحينما نتحدث عن اللغة العربية لا يعني ذلك القواعد والنحو والحفظ الأصم للمعلقات والمحفوظات، بدون تعلم تذوق اللغة ومعانيها وأدواتها في صياغة الأفكار ومناقشتها كفكر حي وليس كمحنطات فكرية. للأسف كثيرون منا لا يجيدون استيعاب اللغة كمقصود ومضمون لمجموعة أفكار، وكثير من المرات يتضح لي أن البعض يهاجم مقالاتي بسبب سوء استيعاب اللغة ذاتها!
أتأمل في حياة الأديب الراحل جبران خليل جبران - الذي أعتبره أكبر ملهم لي - حينما هاجر مع عائلته إلى أمريكا وهو في سن صغيرة وظل يحيا فيها بظروف معيشية متقشفة وبمستوى متواضع في اللغتين العربية والإنجليزية، لكن طموحه الكبير في الكتابة باللغة العربية حدا به أن يعود وهو فتى مرة أخرى إلى لبنان ليتعلم اللغة العربية ويتقنها، ودخل في صفوف المدرسة الابتدائية مع الطلاب الصغار وهو الفتى الكبير، وبعدما نجح في تحقيق حلمه بالكتابة باللغة العربية، واصل تطوير لغته الإنجليزية، فكتب بها أشهر كتبه على الإطلاق كتاب (النبي)، وقد أصبح أديباً ذا "بصمة ثقافية" على مستوى اللغتين العربية والإنجليزية.
كما أن هنالك امتحانات IELTS وTOEFL أقترح إدراج امتحان باللغة العربية على غرار ذلك لمقياس درجة تمكن اللغة عند الطلبة كشرط قبولهم في الجامعات، على أن يكون الاختبار بكافة أقسام اللغة كتابة وتحدثا واستماعا وقراءة وفهما، ولكن يا ترى كم فينا من يظن بأنه فطحل في اللغة ليكتشف مستواه الحقيقي؟! وأدرك وأنا في بوسطن أنني أتنفس كلمات جبران.
قبل أن نحاسب اللغة الإنجليزية ونجعلها كعادتنا في التفكير العربي سبباً لانحدار اللغة العربية، ربما لأننا شعوب تعاني من اتكالية فكرية! هل حاسبنا ما يكتبه البعض على ذمة اللغة العربية؟ كثيراً ما أتصفح مقالات في صحف يومية، لأفاجأ بأسلوب الكتابة عند البعض الذي أبلغ ما يوصف به هو أسلوب كتابة محكية، لا أعني الكتابة بمفردات عامية، بل أسلوب الكتابة الذي يبدو كأحاديث مقاه، أسلوب يعاني من ضعف في البناء والتركيب وضعف المضمون والمحتوى وبتوقيع أسماء كبيرة! بالإضافة إلى طفرة الأدب الحديثة في اليمن فنافسنا بذلك مطاعم الفاست فوود الأمريكية بإنتاج روايات بذات السرعة التي تنتج بها تلك الوجبات غير الصحية! فهل كلف أحدهم عناء تقييم تلك الأعمال من ناحية لغوية؟ وهل يعقل أن كل ما يكتب على ذمة اللغة العربية من ركاكة لم يهدد كيانها سوى حينما أعلنا عن دخول اللغة الإنجليزية في التعليم "الخاص"؟
أهلاً باللغة الإنجليزية، إذا كان الطالب سوف يتعلم كتابة وتحدثاً لغة إنجليزية فصيحة بدلاً من عربية محكية! أهلاً باللغة الإنجليزية، إذا كانت ستقرع جرس الخطر، وتجعلنا نعيد النظر في مناهجنا، وتحفزنا على الرقي بالمناهج العربية، ومستويات الكتابة الإبداعية والأدب. أهلاً باللغة الإنجليزية، إذا كانت ستحفز القائمين على العربية وفطاحلتها على المنافسة والتطوير. أهلاً باللغة الإنجليزية، التي ستجعلنا ندرك أهمية المحافظة على لغتنا العربية.
وحينما نتحدث عن اللغة العربية لا يعني ذلك القواعد والنحو والحفظ الأصم للمعلقات والمحفوظات، بدون تعلم تذوق اللغة ومعانيها وأدواتها في صياغة الأفكار ومناقشتها كفكر حي وليس كمحنطات فكرية. للأسف كثيرون منا لا يجيدون استيعاب اللغة كمقصود ومضمون لمجموعة أفكار، وكثير من المرات يتضح لي أن البعض يهاجم مقالاتي بسبب سوء استيعاب اللغة ذاتها!
أتأمل في حياة الأديب الراحل جبران خليل جبران - الذي أعتبره أكبر ملهم لي - حينما هاجر مع عائلته إلى أمريكا وهو في سن صغيرة وظل يحيا فيها بظروف معيشية متقشفة وبمستوى متواضع في اللغتين العربية والإنجليزية، لكن طموحه الكبير في الكتابة باللغة العربية حدا به أن يعود وهو فتى مرة أخرى إلى لبنان ليتعلم اللغة العربية ويتقنها، ودخل في صفوف المدرسة الابتدائية مع الطلاب الصغار وهو الفتى الكبير، وبعدما نجح في تحقيق حلمه بالكتابة باللغة العربية، واصل تطوير لغته الإنجليزية، فكتب بها أشهر كتبه على الإطلاق كتاب (النبي)، وقد أصبح أديباً ذا "بصمة ثقافية" على مستوى اللغتين العربية والإنجليزية.
كما أن هنالك امتحانات IELTS وTOEFL أقترح إدراج امتحان باللغة العربية على غرار ذلك لمقياس درجة تمكن اللغة عند الطلبة كشرط قبولهم في الجامعات، على أن يكون الاختبار بكافة أقسام اللغة كتابة وتحدثا واستماعا وقراءة وفهما، ولكن يا ترى كم فينا من يظن بأنه فطحل في اللغة ليكتشف مستواه الحقيقي؟! وأدرك وأنا في بوسطن أنني أتنفس كلمات جبران.