(الثلاثاء 27 جمادى الآخرة 1429 الموافق 1 يوليو 2008)
عدد الزيارات:204
يدعو الإسلام أفراده إلى الإيجابية، ويحثهم على المشاركة الفاعلة في نهضة أوطانهم ويجعل المرأة والرجل في ذلك سواء مع المحافظة على الأولويات، وترتيب المهمات، ودون الإخلال بالواجبات الأساسيات، ويكفل الإسلام للمرأة حق العمل خارج بيتها إن كان منضبطا بضوابط الشرع وأحكامه، ولم أسق المقال للتدليل على هذا الحق المتقرر، وإنما الهدف من المقال النظر في عمل جليل تؤديه المرأة، لا يقيم البعض له قدرًا، بل يرونه من أسباب فقر المرأة، وضحالتها العلمية، وعملها المعتبر عندهم هو ما كان خارج المنزل، مدفوع الأجر، وما سوى ذلك فهو بطالة، ولا شك أن في هذا التصور مخالفة للمنهج العلمي، وإجحاف بحق سيدات فضليات لم تكون أدوارهن في تقدم المجتمع ورقيه أقل من غيرهن، ولن بتطرق مقالي للأم الغائبة كما أن في مجتمع العاملات البطالة المقنعة، وإنما المقال للأم الفاعلة، ولمناقشة هذا التصور لنتأمل الآتي:ـ
* إن ما تقوم به المرأة من عمل داخل بيتها يعد من العمل المعتبر عند الاقتصاديين.
فالعمل في اللغة هو المهنة والفعل. والعمل في الاقتصاد: مجهود يبذله الإنسان لتحصيل منفعة.
والمتأمل لعمل المرأة المنزلي يجده يدخل ضمن مفهوم العمل بمعناه اللغوي والاقتصادي، بل إن الاقتصاديين أنفسهم يعتبرون صراحة العمل المنزلي عملاً منتجًا، يقول د: عبد الرحمن يسري: "إن إهمال تقدير خدمات وأعمال ربات المنزل عند حساب الناتج القومي يؤدي إلى كثير من المغالطات "
ويؤكد تقرير للأمم المتحدة الصادر في عام 1985م القيمة الاقتصادية لعمل المرأة في البيت، فيقول: "لو أن نساء العالم تلقين أجورًا نظير القيام بالأعمال المنزلية، لبلغ ذلك نصف الدخل القومي لكل بلد... ولو قامت الزوجات بالإضراب... فسيقدر العالم أجمع القيمة الهائلة لعمل المرأة في البيت.... إن المرأة لو تقاضت أجرًا لقاء القيام بأعمالها المنزلية لكان أجرها أكثر من 145000 دولار في السنة... وإن النساء الآن في المجتمعات الصناعية يساهمن بأكثر من 25% إلى 40% من منتجات الدخل القومي، بأعمالهن المنزلية ".
وقد قامت مؤسسة مالية في الولايات المتحدة بدراسة عمل الأم في المنزل (كالتربية، والطبخ، والإدارة المالية، والعلاج النفسي للأسرة،.." ومحاولة تقديره بحسابات مادية على الورق، فوجدت أن الأم تستحق أجرًا سنويا يصل إلى 508 آلاف دولار - محسوبًا على أساس الأجور السائدة في الولايات المتحدة الأمريكية- وقال المحلل المالي ريك إدلمان لهذه المؤسسة: "حيث إن الأم تعمل 24 ساعة مستمرة يوميًا، توصلنا إلى أنها تستحق أجر وقت دائم سنوي، يساوي أجر سبع عشرة وظيفة مهمة".
إلا أن محررة في مجلة عمل المرأة الأمريكية، وصفت مبلغ نصف مليون دولار بأنه منخفض جدًا، مشيرة إلى أن كثيرًا من الأمهات يؤدين أعمالاً أكثر من تلك التي أشارت إليها هذه الدراسة.
وقد صدر تقرير في الولايات المتحدة عن لجنة مكونة من دائرة الصحة، والتربية، والرعاية الاجتماعية لدراسة شؤون العاملين في ميادين العمل- ومن ذلك عمل المرأة الأمريكية، وانعكاساته على أسرتها وأطفالها جاء فيه:ـ " والحقيقة الواضحة أن رعاية الأطفال يعتبر عملاً بكل ما يفيده مفهوم العمل؛ لأن هذه الرعاية مهمة صعبة، وذات أثر خطير على المجتمع الكبير، أكثر من أي عمل آخر تدفع له الأجور، إن المشكلة ليست في قبول الناس في مجتمعنا الأمريكي لهذه الحقيقة أو عدم قبولهم، وإنما المشكلة هي في معتقداتنا وثقافتنا الخاصة، فنحن كمجتمع لم ندرك بعد الحقيقة عن قيمنا وتقديراتنا عن النافع وغير النافع، وسوف يتحقق هذا الإدراك حين نبدأ النظر إلى اللاتي يكرسن أنفسهن للأمومة، ورعاية البيت باعتبارهن عاملات منتجات، وندفع لهن أجورًا ورواتب، مقابل هذه الرعاية، وحين نعتبر عملهن في البيت إسهامًا جليلاً في زيادة الدخل القومي".
وإذا نظرنا في جدول يوازن بين عمل المرأة والرجل - من حيث الجدوى على الحياة ومجد الدولة- نرى أن المرأة قد ذهبت باللب، والرجل قد قام من ذلك اللب بدور، لا يقال: إنه ثانوي، ولكنه ليس في صميم اللب. فأي الدورين يكون صاحبه عاطلاً؟ إذا كان مقياس العمل والعطل هو الإنتاج للحياة؟ ماذا يكون أجر من ثمرتها طفل؟ وأجر من ثمرته جلب حزمة من حطب، أو بضع ثمرات من شجرة قريبة، أو إنتاج آلة صماء ؟!.. ولكن الحياة لا تجزي ذلك الأجر النقدي، فإن ثمر المرأة ومقامها أجلّ من أن يقدر بعوض.
إنني في مقالتي هذه لا أقلل من دور المرأة التنموي في النهوض بالوطن من خلال المشاركات الفاعلة، فأنا امرأة عاملة، لكني ومن خلال المنهج العلمي أرى أن ربات البيوت ومربيات الأجيال يتصدرن هذا الدور في الإنتاج والعطاء. فتحية صادقة لكل مربية جيل وحاضنة فكر ، وإلى كل صاحب نظر سلبي لأشرف مهنة تقوم بها النساء سل نفسك من المحضن التربوي الذي أخرج لنا أفاضل الرجال وشجعانهم كصقر الجزيرة الملك عبد العزيز يرحمه الله.
الأم مدرسة إذا أعددتها ....... أعددت شعبا طيب الأعراق
- الكود:
عدد الزيارات:204
يدعو الإسلام أفراده إلى الإيجابية، ويحثهم على المشاركة الفاعلة في نهضة أوطانهم ويجعل المرأة والرجل في ذلك سواء مع المحافظة على الأولويات، وترتيب المهمات، ودون الإخلال بالواجبات الأساسيات، ويكفل الإسلام للمرأة حق العمل خارج بيتها إن كان منضبطا بضوابط الشرع وأحكامه، ولم أسق المقال للتدليل على هذا الحق المتقرر، وإنما الهدف من المقال النظر في عمل جليل تؤديه المرأة، لا يقيم البعض له قدرًا، بل يرونه من أسباب فقر المرأة، وضحالتها العلمية، وعملها المعتبر عندهم هو ما كان خارج المنزل، مدفوع الأجر، وما سوى ذلك فهو بطالة، ولا شك أن في هذا التصور مخالفة للمنهج العلمي، وإجحاف بحق سيدات فضليات لم تكون أدوارهن في تقدم المجتمع ورقيه أقل من غيرهن، ولن بتطرق مقالي للأم الغائبة كما أن في مجتمع العاملات البطالة المقنعة، وإنما المقال للأم الفاعلة، ولمناقشة هذا التصور لنتأمل الآتي:ـ
* إن ما تقوم به المرأة من عمل داخل بيتها يعد من العمل المعتبر عند الاقتصاديين.
فالعمل في اللغة هو المهنة والفعل. والعمل في الاقتصاد: مجهود يبذله الإنسان لتحصيل منفعة.
والمتأمل لعمل المرأة المنزلي يجده يدخل ضمن مفهوم العمل بمعناه اللغوي والاقتصادي، بل إن الاقتصاديين أنفسهم يعتبرون صراحة العمل المنزلي عملاً منتجًا، يقول د: عبد الرحمن يسري: "إن إهمال تقدير خدمات وأعمال ربات المنزل عند حساب الناتج القومي يؤدي إلى كثير من المغالطات "
ويؤكد تقرير للأمم المتحدة الصادر في عام 1985م القيمة الاقتصادية لعمل المرأة في البيت، فيقول: "لو أن نساء العالم تلقين أجورًا نظير القيام بالأعمال المنزلية، لبلغ ذلك نصف الدخل القومي لكل بلد... ولو قامت الزوجات بالإضراب... فسيقدر العالم أجمع القيمة الهائلة لعمل المرأة في البيت.... إن المرأة لو تقاضت أجرًا لقاء القيام بأعمالها المنزلية لكان أجرها أكثر من 145000 دولار في السنة... وإن النساء الآن في المجتمعات الصناعية يساهمن بأكثر من 25% إلى 40% من منتجات الدخل القومي، بأعمالهن المنزلية ".
وقد قامت مؤسسة مالية في الولايات المتحدة بدراسة عمل الأم في المنزل (كالتربية، والطبخ، والإدارة المالية، والعلاج النفسي للأسرة،.." ومحاولة تقديره بحسابات مادية على الورق، فوجدت أن الأم تستحق أجرًا سنويا يصل إلى 508 آلاف دولار - محسوبًا على أساس الأجور السائدة في الولايات المتحدة الأمريكية- وقال المحلل المالي ريك إدلمان لهذه المؤسسة: "حيث إن الأم تعمل 24 ساعة مستمرة يوميًا، توصلنا إلى أنها تستحق أجر وقت دائم سنوي، يساوي أجر سبع عشرة وظيفة مهمة".
إلا أن محررة في مجلة عمل المرأة الأمريكية، وصفت مبلغ نصف مليون دولار بأنه منخفض جدًا، مشيرة إلى أن كثيرًا من الأمهات يؤدين أعمالاً أكثر من تلك التي أشارت إليها هذه الدراسة.
وقد صدر تقرير في الولايات المتحدة عن لجنة مكونة من دائرة الصحة، والتربية، والرعاية الاجتماعية لدراسة شؤون العاملين في ميادين العمل- ومن ذلك عمل المرأة الأمريكية، وانعكاساته على أسرتها وأطفالها جاء فيه:ـ " والحقيقة الواضحة أن رعاية الأطفال يعتبر عملاً بكل ما يفيده مفهوم العمل؛ لأن هذه الرعاية مهمة صعبة، وذات أثر خطير على المجتمع الكبير، أكثر من أي عمل آخر تدفع له الأجور، إن المشكلة ليست في قبول الناس في مجتمعنا الأمريكي لهذه الحقيقة أو عدم قبولهم، وإنما المشكلة هي في معتقداتنا وثقافتنا الخاصة، فنحن كمجتمع لم ندرك بعد الحقيقة عن قيمنا وتقديراتنا عن النافع وغير النافع، وسوف يتحقق هذا الإدراك حين نبدأ النظر إلى اللاتي يكرسن أنفسهن للأمومة، ورعاية البيت باعتبارهن عاملات منتجات، وندفع لهن أجورًا ورواتب، مقابل هذه الرعاية، وحين نعتبر عملهن في البيت إسهامًا جليلاً في زيادة الدخل القومي".
وإذا نظرنا في جدول يوازن بين عمل المرأة والرجل - من حيث الجدوى على الحياة ومجد الدولة- نرى أن المرأة قد ذهبت باللب، والرجل قد قام من ذلك اللب بدور، لا يقال: إنه ثانوي، ولكنه ليس في صميم اللب. فأي الدورين يكون صاحبه عاطلاً؟ إذا كان مقياس العمل والعطل هو الإنتاج للحياة؟ ماذا يكون أجر من ثمرتها طفل؟ وأجر من ثمرته جلب حزمة من حطب، أو بضع ثمرات من شجرة قريبة، أو إنتاج آلة صماء ؟!.. ولكن الحياة لا تجزي ذلك الأجر النقدي، فإن ثمر المرأة ومقامها أجلّ من أن يقدر بعوض.
إنني في مقالتي هذه لا أقلل من دور المرأة التنموي في النهوض بالوطن من خلال المشاركات الفاعلة، فأنا امرأة عاملة، لكني ومن خلال المنهج العلمي أرى أن ربات البيوت ومربيات الأجيال يتصدرن هذا الدور في الإنتاج والعطاء. فتحية صادقة لكل مربية جيل وحاضنة فكر ، وإلى كل صاحب نظر سلبي لأشرف مهنة تقوم بها النساء سل نفسك من المحضن التربوي الذي أخرج لنا أفاضل الرجال وشجعانهم كصقر الجزيرة الملك عبد العزيز يرحمه الله.
الأم مدرسة إذا أعددتها ....... أعددت شعبا طيب الأعراق